ويقال لهم: تذوقوا وتحملوا عذاب النار الذي كذبتم به في الدنيا، فإن الله أعدّه للظالمين الفاسقين.
ورحمة من الله بعباده يذكرهم بألوان النقم الدنيوية، فإنه سبحانه يذيق الكفار والعصاة شيئا من العذاب الأقرب وهو عذاب الدنيا، من المصائب والآفات، كالجوع والقتل والسبي، قبل مجيء العذاب الأشد في يوم القيامة، ليرجعوا عن ضلالهم إلى الهدى والرشاد. والتعبير بكلمة (لعلهم) ليس للترجي، فهو مستحيل على الله تعالى، وإنما معناه: ليرجعوا عما هم عليه من الضلال.
والسبب العام للعذاب: هو الإعراض عن هدي الله تعالى، فليس هناك أشد ظلما ممن ذكّره الله بآياته القرآنية ومعجزات رسله، ثم أدبر عنها، وهجرها وجحدها، كأنه لا يعرفها، لذا فإن الله سبحانه ينتقم أشد الانتقام من هؤلاء الكفار الذين كفروا بالله، واقترفوا المنكرات والموبقات.
إن القرآن الكريم هدى ورحمة، لما فيه من بيان سابق قبل المفاجأة بألوان العقاب أو العذاب في الآخرة، كما أوضحت هذه الآيات.
في سورة السجدة إثبات للتوحيد والبعث والرسالة النبوية، وقد ختمت السورة بالتركيز على أمر الرسالة المحمدية بعد نبوة موسى وإنزال التوراة عليه، ليستمر العطاء الإلهي والإرشاد بين جميع الأمم والشعوب، وتتحقق الثمرة المرجوة بصلاح العقائد والأعمال، مع لفت النظر إلى ضرورة الاتعاظ والاعتبار بأحوال الأمم السابقة، وبمشاهد الكون والحياة، وتبشير النبي صلّى الله عليه وسلّم بالنصر الحاسم، والإعراض عن المشركين، وانتظار المصير المرتقب فيهم، قال الله تعالى موضحا هذه المعاني: