الاعتقاد، والدين والحساب، والثواب والعقاب، والعمل، فيثيب الطائع بالجنة، ويعذب العاصي بالنار.
أو لم يتبين لمكذبي الرسل كم، أي كثيرا ما أهلكنا من قبلهم من الأمم الماضية بتكذيبهم الرسل ومخالفتهم إياهم، مثل عاد وثمود وقوم لوط، يمر المكذبون المشركون في أسفارهم بمساكنهم وديارهم المدمّرة، إن في ذلك التدمير لدلائل وعلامات على قدرة الله عز وجل، وعظات وعبرا لقوم يتعظون بها. أو لم يشاهد هؤلاء المكذبون بالبعث الوثنيون أننا قادرون على الإحياء، كما نسوق الماء من السماء إلى الأرض اليابسة، فنخرج به زرعا أخضر تأكل منه أنعامهم، وتتغذى به أجسامهم، وتتقوى به أبدانهم، أفلا يبصرون هذا بأعينهم، فيعلموا أننا قادرون على الإعادة بعد الموت، كإحياء الأرض بعد موتها؟! وهذا دليل على إقامة الحجة على المشركين في معنى الإيمان بالقدرة الإلهية والبعث، بأن نبههم على إحياء الأرض الموات بالماء، والسوق: هو بالسحاب. والأرض الجرز: الأرض العاطشة التي قد أكلت نباتها من العطش.
ويتساءل هؤلاء المشركون عن موعد وقوع العذاب بهم، استبعادا وتكذيبا وعنادا، قائلين: ومتى يعذبنا الله بسببك، وأنت وصحبك ما نراكم إلا أذلة قليلين؟
إن كنتم صادقين في تهديدكم ووعيدكم.
فوبخهم الله في الجواب بقوله: قل أيها النبي لهؤلاء المكذبين برسالتك: إن يوم الانتقام والقضاء الفصل النافذ: هو يوم القيامة الذي لا ينفع فيه إيمان الكافرين ولا توبتهم، ولا هم يؤخرون فيه بالإعادة إلى الدنيا للتوبة والإيمان والعمل الصالح، لأن قبول الإيمان إنما هو في دار الدنيا، فلا تستعجلوا العذاب، فهو واقع حتما.
فأعرض أيها النبي عن هؤلاء المشركين، ولا تأبه بتكذيبهم، وتابع تبليغ رسالتك