أمر به، وانتهوا عما نهى عنه، وأطيعوني فيما آمركم وأنهاكم عنه، يصلح حالكم، وتسعدون سعادة في دنياكم وآخرتكم ولا أطلب منكم على تبليغ رسالتي أجرا أو عوضا، ولا أطلب جاها، إن ثوابي وجزائي على الله، لو علمتم ذلك، ولكنهم كذّبوه وآذوه. وهذه العبارات بذاتها جاءت على لسان نوح وهود وصالح ولوط وشعيب، للتنبيه على وحده الهدف، ووحدة رسالات الأنبياء في الدعوة إلى توحيد الله وطاعته، وترك عبادة ما سواه. ثم عاب هود عليه السّلام قومه في أمور ثلاثة وهي:
- أتعمرون بكل مكان مرتفع بنيانا شامخا، علامة على العزّة والقوة، وتفعلون ذلك عبثا لمجرد اللعب واللهو وإظهار القوة، لا للحاجة إليه.
- وتتّخذون مباني مصنّعة ومتقنة البناء، من قصور مشيدة، وحصون منيعة، على أمل الخلود فيها، ورجاء السكنى والانتفاع بها على الدوام، مع أنكم مرتحلون عنها.
- وإذا بطشتم بغيركم في تعاملكم معهم، والبطش: الأخذ بقوة وسرعة، بطشتم بطش الجبابرة، أي المتكبّرين العتاة.
فاحذروا عقاب الله الذي أمدّكم بما تعلمون من النّعم الوفيرة، ورزقكم بالأنعام (الإبل والبقر والغنم) والأولاد الكثيرة، وأوجد لكم البساتين الغنّاء، والعيون الجارية بالماء العذب، فاجعلوا مقابل هذه النّعم عبادة الله المنعم بها، لتكونوا أوفياء للمعروف.
وإني أخشى عليكم إن كذبتم، وخالفتم وأصررتم على الكفر عذاب يوم شديد الأهوال.
فأجابه قومه: يستوي عندك وعظك لنا وتحذيرك إيانا، وعدم الوعظ، فإنا لا نفارق ما نحن عليه. وما جئت به من دعوة ما هو إلا اختلاق السابقين، وافتراؤهم وكذبهم، فأنت على منهاجهم، ولسنا نحن بمعذّبين أبدا، خلافا لما تقول.