فكان الموقف النّهائي أنهم كذّبوا هودا عليه السّلام، فيما أتى به، فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية، أي شديدة الهبوب، وذات البرد الشديد، إن في إهلاك عاد بسبب التكذيب لرسولهم، لعبرة واضحة لكل الأقوام، فيما أتاهم به رسول الله، ولم يكن أكثر هؤلاء المهلكين بمؤمنين في سابق علمنا، وإن ربّك لهو صاحب العزّة المطلقة، ينتقم من أعدائه، والرّحيم بعباده المؤمنين، إن تابوا وأصلحوا أعمالهم.
إن الاتّعاظ بإهلاك قبيلة عاد الشديدة العاتية أمر واجب على أهل الإيمان والعقل الراجح، فيكون الجزاء لأمثالهم المكذّبين واحدا، لاتّحاد سبب الجزاء.
استمرّ نهر العناية الإلهية متدفّقا بإرسال الرّسل المصلحين لأقوامهم الضّالّين، من أجل تضافر الجهود للقضاء على بذرة الوثنية، وبناء صرح الدعوة إلى الإله الواحد، وعبادته، وإصلاح مسيرة الحياة الإنسانية، وتوجيه النفوس نحو حقيقة معبودها الخالق البارئ المصوّر، الرّازق عباده برزق وفير، والراحم أهل التقوى والاستقامة المنيبين إليه. وكان التركيز في الإصلاح الإلهي على أهل العالم القديم في بلاد الشام وشبه جزيرة العرب، مثل قبيلة عاد في اليمن، وثمود في مدينة الحجر التي بين وادي القرى والشام، على طريق المدينة، ومساكنهم معروفة مشهورة. قال الله تعالى واصفا دعوة صالح إلى قومه ثمود:
كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ (142) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (143) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (144) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (145)
أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ (148) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ (149) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150)
وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (152) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (153) ما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154) قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (155)
وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156) فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (157) فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (158) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (159)