وانتهت القصّتان بإعلان أن الفئة المؤمنة قليلة، وأن الله ذو العزّة والقوة الغالبة، والرّحمة أيضا، وذلك بعبارة: وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وهي العبارة نفسها التي انتهت بها سابقا قصة موسى مع فرعون، وقصة إبراهيم مع قومه، وتنتهي بها أيضا قصص الأنبياء الآخرين: وهم صالح مع قومه ثمود، ولوط مع قومه، وشعيب مع أصحاب الأيكة. وهذه آيات تخبر عن قصة هود مع قومه:
كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ (124) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (126) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (127)
أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (132)
أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135) قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ (136) إِنْ هذا إِلاَّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (137)
وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (138) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (139) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (140)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» [الشّعراء: 26/ 123- 140] .
افتتحت هذه الآيات في خبر هود عليه السّلام بما افتتحت به الآيات في خبر قوم نوح بعبارات ست متشابهة هي: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) الآيات، وكَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) الآيات، وعاد: قبيلة عربية عاتية، كانوا يسكنون الأحقاف:
وهي جبال الرمل قرب حضرموت في بلاد اليمن، وهم في الزمان بعد قوم نوح.
لقد كذّبت عاد رسولها هودا عليه السّلام، حين قال لهم أخوهم في النّسب القبلي:
ألا تتّقون عذاب الله، إني لكم رسول أمين على رسالتي من عند الله، فاتّقوا الله فيما