ومرة أخرى تعود سورة "الأحزاب" فتذكر لنا جزاء الصادقين، ولكنها في هذه المرة تضع هذه الصفة بين صفات كلها صفات عظيمة؛ حيث يقول ربنا: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 35) فهذه عشر صفات في آية واحدة: الإسلام، والإيمان، والقنوت، وهو العبودية والطاعة لله وحده، والصدق، والصبر، والخشوع، وهو التواضع والخوف من الله، والتصدق، والصيام فرضًا ونفلًا، وحفظ الفروج عن الحرام، والإكثار من ذكر الله من جمع هذه الصفات العشر فلينتظر جزاءه الأوفى، ولينتظر منزلته العظمى {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}.

وأخيرًا نقرأ في نهاية سورة "الأحزاب" قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 70، 71) والقول السديد هو القول الصائب الذي لا يلتوي كالسهم يصيب الهدف في وضوح، ولذلك قالوا بأن القول السديد هو الذي يوافق ظاهره باطنه، وهذا هو الصدق بعينه، ومثل هذه الآية قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة: 119). والجزاء كما نرى هنا إصلاح الأعمال بتسديدها وتوفيقها، ومغفرة الذنوب، والفوز العظيم في الدنيا والآخرة.

أيضًا نقرأ في كتاب الله في جزاء الصادقين ما يستحق أن نقف عنده لنرى عظم ما فيه من الثواب، ذلكم ما نقرأه في أواخر سورة "المائدة" من قول الله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015