سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فلنلتقط من جواهر القرآن ولآلئه ما يبين ذلك، نقرأ في سورة "الأحزاب" قول الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا * لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا} (الأحزاب: 7، 8).

فالله يسأل الصادقين عن صدقهم على رءوس الأشهاد ليعطي هؤلاء الصادقين؛ جزاء صدقهم، ودليل ذلك ما جاء في قوله وما نقرأه في ختام الآية: {وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا}، ومقتضى هذا أنه أعد للصادقين جزاءً عظيمًا.

أيضًا نقرأ في سورة "الأحزاب" قول الله تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا * مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} (الأحزاب: 22 - 24).

فهؤلاء أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- صدقوا ما عاهدوا عليه، {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} أي: قضى ما عليه فمات شهيدًا، ومنهم من يتشوف، ومن ينتظر أن يموت شهيدًا، إنها الغايات العظمى التي يحيا لها هؤلاء الرجال، ولذلك استحقُّوا نصر الله ومدد الله وتأييد الله، وما بدلوا تبديلًا، يقول ربنا: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ} لم يذكر لنا جزاء الصادقين هنا، وإنما سيذكره في آيات أخرى، ولكنه تركه هكذا لتذهب فيه النفس فيه كل مذهب حين تتخيل ما يمكن أن يعطيه الإله الكريم للصادقين مع الله -سبحانه وتعالى-، وهؤلاء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015