والاشتغال بعبادة الله تعالى- الجملة الشرطية معطوفة على فاسلك وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) حال من فاعل أنزلني وفيه ثناء مطابق لدعائه- امر نوحا وحده بالدعاء وعلق الدعاء بان يستوى هو ومن معه إظهارا لفضله واشعارا بان في دعائه كفاية عن دعائهم.
إِنَّ فِي ذلِكَ الّذي فعلنا بنوح وقومه لَآياتٍ تدل على كمال قدرة الله تعالى ورأفته بالمسلمين وغضبه على الظالمين يعتبر بها أولوا الابصار وَإِنْ مخففة من الثقيلة تقديره وانّا كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30) اللام فارقة يعنى كنا لمصيبين قوم نوح ببلاء عظيم او ممتحنين عبادنا وقيل ان نافية واللام بمعنى الا يعنى وماكنا بإرسال نوح ووعظه وتذكيره الا مبتلين قومه ومختبرين إياهم لننظر ما هم عاملون قبل نزول العذاب بهم.
ثُمَّ أَنْشَأْنا عطف على كلام محذوف تقديره فاغرقناهم ثم انشأنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (31) المراد بهم عاد او ثمود قال البغوي والاول اظهر.
فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ يعنى أوحينا بين أظهرهم رَسُولًا مِنْهُمْ يعرفونه بانصدق والعدالة وهو هود او صالح عليهما السلام أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ان مفسرة لارسلنا لكونه بمعنى القول يعنى قلنا لهم على لسان الرسول اعبدوا الله ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (32) مر تفسيره.
وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا لعله ذكر بالواو لان كلامهم لم يتصل بكلام الرسول بخلاف كلام قوم نوح وحيث استأنف الله به ذكر مقال قوم هود في الأعراف وهود بغير واو بالاستيناف كانّه جواب سوال مقدر كانّه، قيل فما قال قومه في جوابه وذكر هاهنا بالواو عطفا لما قالوه على ما قال الرسول على معنى انه اجتمع في الحصول هذا الحق مع هذا الباطل وليس متصلا بكلام النبي جوابا له- وذكر في قصة نوح بالفاء لانه جواب لقوله واقع عقيبه وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ اى بلقاء ما فيها من الثواب والعقاب او بمصيرهم الى الحيوة الاخرة وَأَتْرَفْناهُمْ اى انعمناهم بكثرة الأموال والأولاد فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا الّذي يدعى النبوة إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ في الصفات والأحوال يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ