قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)}.
في هذه الآيات: استخفاف الله تعالى بالكافرين الماكرين، ووعده جميل الجنان للأبرار المتقين.
قال السدي: ({لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ}، يقول: ضربهم في البلاد). وقال قتادة: (والله ما غرُّوا نبيَّ الله، ولا وَكل إليهم شيئًا من أمر الله حتى قبضه الله على ذلك).
والمعنى: لا تعجبوا إلى ما أُترِف به الكفار في الدنيا من ألوان النعمة والغبطة والسرور، فعمّا قليل يتغير عليهم الحال ويزول، ويدور الزمان فَيُذِلُّ الله من فتنه بالأمس بالحكم والسلطان ليمسوا محمولين إلى القبور، مرتهنين بسيِّئ أعمالهم مستقبلين يوم النشور.
وقوله: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ} هو مدة الغرور بالحكم والسلطان وتحكيم الأهواء والشهوات, {ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} بعد مماتهم {وَبِئْسَ الْمِهَادُ} أي: بئس الفراش والمضجع والمأوى والمستقر.
أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، يُساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، تعلوهم نار الأنيار، يُسقون من عُصَارة أهل النار، طينة الخبال] (?).
وفي مستدرك الحاكم بسند حسن عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إن أهل النار ليَبْكون حتى لو أُجْريت السفن في دموعهم جَرَتْ، وإنهم ليبكون الدم] (?).
ورواه في شرح السنة عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [يا أيها الناس! ابكوا فإن لم تستطيعوا فتباكوا، فإن أهل النار يبكون في النار حتى تسيل دموعهم في وجوههم،