كأنها جداول، حتى تنقطع الدموع، فتسيل الدماء، فتقرَّح العيون، فلو أن سُفُنًا أُزْجيَتْ فيها لجرت]. وقوله: "أزجيت": أرسلت.

وقوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ}.

وعد من الله سبحانه للذين اتقوه بتعظيم أوامره واجتناب نواهيه بساتين الخلود والنعيم، إنزالًا من الله إياهم فيها، تكريمًا لهم وتشريفًا. {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَار} قال ابن زيد: (لمن يطيع الله).

وأخرج ابن أبي حاتم بسنده عن ابن عمر قال: (إنما سماهم الله أبرارًا لأنهم بَرّوا الآباء والأبناء، كما أن لوالديك عليك حقًّا، كذلك لولدك عليك حق).

قلت: ولا شك أن البر كلمة جامعة لكل أبواب الخير، سواء في معاملة الوالدين والأبناء, أو في معاملة الناس جميعًا، وأعلى من ذلك كله صدق طاعة الله عز وجل.

وقد مضى في حديث الإمام مسلم عن النواس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [البِرُّ حُسْنُ الخلق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرِهت أن يطلع عليه الناس] (?).

وفي المسند للإمام أحمد، بسند صحيح، من حديث أبي ثعلبة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [البِرُّ ما سكنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس، ولم يطمئن إليه القلب، وإن أفتاك المفتون] (?).

199 - 200. قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)}.

في هذه الآيات: ثناء الله تعالى على من صدق من أهل الكتاب وكان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015