عليهم عدوّهم، بعدما أراهم من عدوهم ما يحبون). وقال الربيع: ({حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ}، يقول: جبنتم عن عدوِكم).

وقوله: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}. قال السدي: (فالذين انطلقوا يريدون الغنيمة هم أصحاب الدنيا، والذين بقوا وقالوا: لا نخالف قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أرادوا الآخرة).

وقوله: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ}. قال ابن إسحاق: (أي: صرفكم عنهم ليختبركم، وذلك ببعض ذنوبكم).

والمقصود حين صُرفوا إلى الغنائم والدنيا، فمال عليهم خالد بن الوليد.

قال الحسن: (صرف القوم عنهم، فقتل من المسلمين بعدّة من أسروا يوم بدر، وقتل عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكسرت رباعيّته، وشجّ في وجهه، وكان يمسح الدم عن وجهه ويقول: "كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيِّهم وهو يدعوهم إلى ربهم"؟ فنزلت: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]، الآية. فقالوا: أليس كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعدنا النصر؟ فأنزل الله عز وجل: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ} إلى قوله: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ}).

أخرج البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: [لما كان يوم أحد هُزِمَ المشركون، فصرخ إبليس لعنةُ الله عليه، أي عبادَ الله أُخْراكم، فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم، فبَصُرَ حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان فقال: أي عباد الله أبي، أبي، قال: فوالله ما احتجزوا -أي ما انفكوا عن بعضهم- حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغفر الله لكم. قال عروة: فوالله ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله عز وجل] (?).

وقوله: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}. قال ابن جريج: ({وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ}، قال: لم يستأصلكم). وقال ابن إسحاق: (ولقد عفا الله عن عظيم ذلك، لم يهلككم بما أتيتم من معصية نبيكم، ولكن عُدْتُ بفضلي عليكم).

وقال الحسن: (هؤلاء مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في سبيل الله، غضابٌ لله، يقاتلون أعداء الله، نهوا عن شيء فصنعوه، فوالله ما تركوا حتى غُمُّوا بهذا الغم، فأفسق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015