والأرض داخل في ملكه سبحانه وتحت تصرفه، وأهلهما عبيد بين يديه. {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} فمردّ الأمر له وحده لا شريك له، إن شاء غفر وستر، وإن شاء فضحَ ونشر، فلا يسأل عما يفعل. {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. قال ابن إسحاق: (أي يغفر الذنوب، ويرحم العباد، على ما فيهم).
130 - 136. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)}.
في هذه الآيات: يخاطب الله تعالى المؤمنين يخبرهم أن الربا من أمر الجاهلية ليحذروه، وأن طاعة الله ورسوله سبيل النجاة والنصر والسعادة في الدارين. ثم يحثهم سبحانه على المسارعة بالاستغفار والإنفاق وكظم الغيظ والإحسان، واجتناب الفواحش والظلم والآثام، ليكونوا من أهل الخلود في الجنان.
فقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}.
قال ابن إسحاق: (أي لا تأكلوا في الإسلام إذ هداكم الله له، ما كنتم تأكلون إذ أنتم على غيره، مما لا يحل لكم في دينكم).
وقال مجاهد: (قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}، قال: ربا الجاهلية).
وقال عطاء: (كانت ثقيف تدّاين في بني المغيرة في الجاهلية، فإذا حلّ الأجل قالوا: نزيدكم وتؤخرون؟ ).
وقال ابن زيد: (كان أبي يقول: إنما كان الربا في الجاهلية في التضعيف وفي السن.