فهو سبحانه أعلم بقلوبهم ومستقبلهم، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستبعد إنابتهم لما أدموه.

روى مسلم في صحيحه عن أنس: [أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُسرت رباعيته يوم أحد، وشجَّ في رأسه، فجعل يسلت الدم عنه ويقول: كيف يفلح قوم شجوا نبيّهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}] (?).

وقد جاء في أسباب نزول هذه الآية أحاديث أخرى صحيحة، مما قد يدل على تعدد الحادثة التي تنزل فيها بعض آيات القرآن.

الحديث الأول: أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة: [أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر: اللهم العن فلانًا وفلانًا لأحياءٍ من العرب، حتى أنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}] (?).

وفي لفظ عند مسلم: (اللهم العن رِعْلًا وذكوان وعصية).

الحديث الثاني: أخرج البخاري في التفسير عن حنظلة بن أبي سفيان قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول: [كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو على صفوانَ بن أمية، وسهيلَ بن عمرو، والحارث بن هشام، فنزلت: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} -إلى قوله- {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}] (?).

الحديث الثالث: أخرج البخاري عن الزُّهري، حدثني سالم بن عبد الله، عن أبيه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول، إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر: "اللهم العَنْ فلانًا وفلانًا وفلانًا". بعدما يقول: "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد". فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} -إلى قوله- {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}] (?).

وقوله: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}. أي: جميع ما بين أقطار السماوات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015