وثوابِ الصدق الذي آتانا الله بعد يوم بدر] (?).
وفي رواية أحمد: [ورأيت أني في درع حصينة فأولتها المدينة] (?).
ويروي الطبري بسندٍ حسن مرسل عن قتادة: [فقال ناس من أصحابه من الأنصار: يا نبي الله، إنا نكره أن نقتل في طرق المدينة، وقد كنا نمتنع من الغزو في الجاهلية، فبالإسلام أحق أن نمتنع منه فابرز إلى القوم، فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلبس لأمته -وهي الدرع الحصينة وأداة الحرب-، فتلاوم القوم فقالوا: عرض نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بأمر وعرضتم بغيره، فاذهب يا حمزة فقل لنبي الله - صلى الله عليه وسلم -: أمرنا لأمرك تبع. فأتى حمزة فقال له: يا نبي الله إن القوم قد تلاوموا فقالوا. أمرنا لأمرك تبع. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يناجز] (?).
ثم ذَكَّر سبحانه بتخاذل بعض الجيش من المنافقين حتى كادت فئتان من المؤمنين أن تجبنا وتفكرا في الرجوع، فعصمهم الله وثبتهم، فقال جل ذكره: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا}. قال قتادة: (وذلك يوم أحد، والطائفتان بنو سلمة وبنو حارثة، حيان من الأنصار).
أخرج البخاري ومسلم عن جابر قال: [نزلت هذه الآية فينا: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} بني سلمة وبني حارثة، وما أحب أنها لم تنزل والله يقول: والله وليهما] (?).
فهؤلاء همّوا بالرجوع لَمَّا أحدث المنافق عبد الله بن أُبي الخلل في الصفوف، فرجع بأهل النفاق إلى المدينة، فعصم الله بني سلمة وبني حارثة من الوقوع والزلل، وثبتهم حين جَبُنا عن لقاء العدو، وأعطى الله الأمة بذلك درسًا كبيرًا، أن من أصابه ضعف فليتوكل على الله، وليتذكر عظمته وجبروته، فإن ذلك يعينه على تجاوز الضعف والكسل، ويقوي نيّته وعزيمته.