الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالمِينَ (108) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109)}.
في هذه الآيات: يأمر سبحانه أن تَنْفِرَ أمةٌ من الأمة لحراسة الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإلا هلكت الأمة جميعًا. ثم يحذر سبحانه من الفرقة والاختلاف، ومغبة ذلك في الدنيا والآخرة، فإن أهل السعادة تبيَّض وجوههم يوم الحساب، وأهل الشقاوة تسوَّد وجوههم، وإلى الله المَلِكِ ترجع الأمور.
فقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
قال الضحاك: (هم خاصة أصحابِ رسول الله، وهم خاصة الرواة). قال ابن كثير: (يعني المجاهدين والعلماء).
وقد حفلت السنة الصحيحة بهذا الأمر الإلهي المبارك في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان] (?). وفي لفظ: "وليس وراء ذلك من الإيمان حبّةُ خردل".
الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد والترمذي بسند حسن، عن حُذيفة بن اليمان، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [والذي نفسي بيده، لتأمُرُنّ بالمعروف ولتنهَوُنَّ عن المنكر، أو ليوشكَنّ الله أن يبعث عليكم عِقابًا من عنده، ثم لتَدْعُنَّه فلا يستجيب لكم] (?).
الحديث الثالث: أخرج ابن ماجة بإسناد حسن عن عبيد الله بن جرير عن أبيه قال: