وقوله: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}. قال ابن جرير: (واذكروا ما أنعم الله به عليكم من الألفة والاجتماع على الإسلام). والمقصود أن الجاهلية ونعراتها كانت قد أجهزت عليهم وفرقتهم وهي كذلك اليوم تفرق الناس وراء سبل الشياطين، ولا يجمعهم والله إلا هذا الدين.

قال قتادة: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ}، كنتم تذابحون فيها، يأكل شديدكم ضعيفكم، حتى جاء الله بالإسلام فآخى به بينكم، وألّف به بينكم. أما والله الذي لا إله الا هو، إن الألفة لرحمة، وإن الفرقة لعذاب).

وقال ابن إسحاق: (كانت الحرب بين الأوس والخزرج عشرين ومئة سنة، حتى قام الإسلام وهم على ذلك، فكانت حربهم بينهم وهم أخوان لأب وأم، فلم يسمع بقوم كان بينهم من العدواة والحرب ما كان بينهم. ثم إن الله عزَّ وجلَّ أطفأ ذلك بالإسلام، وألف بينهم برسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -).

يروي عبد الله بن أحمد في زوائد المسند بسند حسن عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر، والجماعة رحمة والفرقة عذاب] (?).

وقوله: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا}.

قال السدي: (يقول: كنتم على طرف النار، من مات منكم أوبِقَ في النار، فبعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فاستنقذكم به من تلك الحفرة). وقال حسن بن حيّ: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا}، قال: عصبية).

وقوله: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}. يعني: لتهتدوا إلى سبيل النجاة والرشاد، فتسلموا في الدنيا، وتنجوا في الآخرة.

104 - 109. قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015