قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ما من قوم يُعْمل فيهم بالمعاصي، هم أعزّ منهم وأمنع لا يغيرون إلا عمهم الله بعقاب] (?).

وكذلك روى الإمام مالك في الموطأ عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمرَ بن عبد العزير يقول: [كان يُقال: إن الله تبارك وتعالى لا يُعَذِّبُ العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عمل المنكر جِهارًا استحقوا العقوبة كلهم].

وقوله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}. نهيٌ عن سلوك سبيل الأمم الماضية التي فشا فيها التفرق في الدين وتشتيت الكلمة وتضييع العلم.

وفي التنزيل: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}. وفي المسند وسنن أبي داود بسند حسن عن أبي عامر عبد الله بن لُحَيّ قال: [حججنا مع معاوية بن أبي سفيان، فلما قدمنا مكة، قام حين صلّى صلاة الظهر فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين مِلّة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين مِلّة -يعني الأهواء- كلها في النار إلا واحدة -وهي الجماعة- وإنه سيخرج في أمتي أقوام تُجَارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه، لا يبقى منه عِرْقٌ ولا مَفْصِلٌ إلا دخله. والله -يا معشر العرب- لئن لم تقوموا بما جاء به نبيكم - صلى الله عليه وسلم - لغَيْرُكُم من الناس أحرى أن لا يقوم به] (?).

وقوله: {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}. يعني في الآخرة لقاء تفرقهم وتضييع دينهم.

وقوله: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}. قال ابن عباس: (تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسودّ وجوه أهل البدعة والفُرْقة). والمقصود: يوم القيامة.

وقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}. قال الحسن: (هم المنافقون، كانوا أعطوا كلمةَ الإيمان بألسنتهم، وأنكروها بقلوبهم وأعمالهم).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015