عليهم ذلك في التوراة. وهذا كله منصوص عليه في التوراة عندهم، وهذا هو النسخ بعينه، فكذلك فليكن ما شرعه الله للمسيح عليه السلام، في إحلاله بعض ما حُرِّمَ في التوراة، فما بالهم لم يتبعوه؟ بل كذبوه وخالفوه؟ وكذلك ما بعث الله به محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من الدين القويم، والصراط المستقيم، وملة أبيه إبراهيم، فما بالهم لا يؤمنون؟ ).

وقوله: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فإنها تنطق بما قلناه.

وقوله تعالى: {فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. يعني: من ادّعى بعد ذلك أن الله شرع لهم السبت أو تكذيب ما أنزل بعد التوراة فقد أعظم على الله الفرية.

وِقوله: {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ}. أي: قل يا محمد صدق الله فيما أنزل وأرسل وشرع. {فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} فإن ملته هي ملة محمد - صلى الله عليه وسلم - وجميع الرسل: التوحيد وإفراد الله بالتشريع والتعظيم.

96 - 97. قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالمِينَ (97)}.

في هذه الآيات: إخبار الله تعالى عباده أن الكعبة التي بناها إبراهيم الخليل - صلى الله عليه وسلم - هي أول بيت وضع للناس، أي لعموم الناس لعبادتهم ونسكهم يطوفون به، ويصلون إليه، ويعتكفون عنده. وفيه علامات واضحات أنه من بناء إبرإهيم، ومن عاذَ بالبيت كان حرمًا آمنًا له وملاذًا وملجأ، وقد فرض الله الحج على المستطيع من عباده، ومن جحَد وجوبه كان من الكافرين.

فقوله: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ}. قال مجاهد وقتادة: (لم يوضع قبله بيت). وقال علي رضي الله عنه: (كان قبل البيت بيوت كثيرة، والمعنى أنه أول بيت وضع للعبادة).

وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: [سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أوّل مسجد وضع في الأرض. قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015