الأنصاري، أنه سمعَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [أفلح من هُدِيَ إلى الإسلام، وكان عيشهُ كفافًا وقنع به] (?).

وبنحوهِ في المسند وجامع الترمذي عن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [لو أنكم تتوكلون على اللَّه تعالى حقّ توكله لرزقكم كما يرزق الطيرَ، تغدو خِماصًا، وتروحُ بِطانًا] (?).

فإذا كفى اللَّهُ عبده المؤمن فلا طاقة لأحد في إقلاقه، وإذا تولى اللَّهُ عبدًا فلا سبيل لأحدٍ إلى إيذائهِ.

وقوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ}.

أي: من أعمى اللَّه على قلبهِ وبصيرتهِ -عدلًا منه سبحانه نتيجةَ تماديه- فلا سبيل إلى هدايتهِ، وهذا شأن من لم يعرف تولي اللَّه وكفايته لهذا النبي الكريم فيخوفونه بمخلوقات وأحجار لاتضر ولا تنفعُ سائلها، وكذلكَ فإن من كتب اللَّه له الهداية -لعلمه سبحانهُ بحرصه عليها وخوفه من مغبةِ التفريط فيها- فإنه لا سبيل لأحد إلى غوايتهِ ما دام هو في حماية اللَّه جل ثناؤه {أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ}. قال الحافظ ابن كثير: (أي منيع الجناب لا يضامُ من استند إلى جانبهِ، فإنه العزيز الذي لا أعزَّ منه، والمنتقمُ ولا أشد انتقامًا منه ممن كفر به وأشرك وعاند رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-).

وقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ}.

هذا الاعتراف قد ذكر في أكثر من موضع، فقال جلّ ذكره في سورة العنكبوت: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت: 61]. وقال في سورة الزخرف: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: 87]، فإذا كنتم تقرون بأنه الخالق فلم تخضعون لغيره، وإذا كنتم تقرون بأنه الرازق فلم تسألون حجرًا أو قبرًا أو صالحًا مضى لا يملكُ لنفسه ضرًّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015