وأنبياءه من قبله ما خوفتهم أممهم من أن تنالهم آلهتهم بسوء. في حين قرأها قراء البصرة وعامة قراء المدينة {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} أي محمدًا. وكلاهما مشهور.

وعن قتادة: ({وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}: قال: الآلهة. قال: بعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خالد بن الوليد إلى شعب بِسُقام (?) ليكسر العزى فقال سادنها وهو قَيِّمُها: يا خالد أنا أحذّركها، إن لها شدّة لا يقوم إليها شيء. فمَشى إليها خالد بالفأسِ فَهَشَّمَ أنفها).

وعن السُّدي: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}: يقول بآلهتهم التي كانوا يعبدون.

وهذه الآية تسلية من اللَّه لنبيّه عليه الصلاة والسلام مما يلقاه من المكذبين كما لقي الأنبياء قبله من أقوامهم. فهود عليه السلام قال له قومه: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} [هود: 54]. فجاءت هذه الآية تثبيتًا من اللَّه وحثًا لنبيهِ علي متابعة الطريق كما قال له في سورة المائدة: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67]. وهي لمن بعدهُ منهج وطريق، فإن من أخبت للَّه وحقّق لهُ كامل العبادةِ فليهنأ بحماية اللَّه وبكفايتهِ له كما قال سبحانه في سورة الحج: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [الحج: 38]. وكما قال فى سورة الطلاق: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2 - 3].

وفي المسند للإمام أحمد بسند صحيح عن عقبة بن عامر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إن اللَّه يقول: يا ابنَ آدم! اكفني أولَّ النهار أربعَ ركعاتِ أكفِكَ بهن آخرَ يومكَ] (?).

وفيه أيضًا عن أبي هريرةَ قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إن اللَّه تعالى يقول: يا ابنَ آدم تفرَّغْ لعبادتي أملأ صدركَ غنى وأسُدَّ فقركَ، وإن لا تفعل ملأتُ يديكَ شغلًا ولم أسدَّ فقركَ] (?). ورواهُ الترمذي وابن ماجة والحاكم.

وكذلكَ فقد أخرج الطبراني في "الكبير"، والحاكم بسند صحيح عن فضالة بن عبيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015