التأويل الثاني: أي غير مختلف. قال النحاس: (أحسن ما قيل فيه قول الضحاك، قال: غير مختلف) ذكره القرطبي.

التأويل الثالث: أي غير مخلوق. ذكره ابن عباس، وَنُقِل عن السُّدي.

التأويل الرابع: أي غير متضاد. روي ذلك عن عثمان بن عفان. وقال القاسمي: (أي مستقيمًا بريئًا من التناقض والاختلاف {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} أي العذاب والخزي يوم الجزاء، بالاتقاء من الأفعال القبيحة والأخلاق الرديئة، والاعتقادات الفاسدة). وقال النسفي: ({غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}: مستقيمًا بريئًا من التناقض والاختلاف ولم يقل مستقيمًا للإشعار بأن لا يكون فيه عوج قط).

التأويل الخامس: قيل المراد بالعوج الشك، ذكره السُّدي والماوردي.

التأويل السادس: قيل المراد غير ذي لحن. ذكره القرطبي عن بكر بن عبد اللَّه المزني.

وكل ما سبق من تاويل يحتمله البيان الإلهي ويتسع له الإعجاز القرآني، فإن هذا القرآن عظيم لا لَبْسَ فيه ولا اختلاف ولا تعارض ولا تضاد ولا لحن فيه ولا شك، فهو كلام اللَّه ليس بمخلوق لا يأتيه ألباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.

وأما قوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} -أي- الوقوع بما وقع به مَنْ قبلهم فيحق عليهم ما حقّ على غيرهم من عذاب الدنيا وخراب الآخرة. قال الشوكاني: (لعلهم يتقون: علة أخرى بعد العلة الأولى. وهي {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} أي لكي يتقوا الكفر والكذب).

وقوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.

فإن ضرب الأمثال تلك ما مُثّلت إلا لِيُتَّقَى أعظم المخوفات وهو الشرك باللَّه، وهذا مثل رائع الدقة ألقاه اللَّه سبحانه ليقرع به عقول المشركين ومحاكماتهم: أفمثل من تنازعه أكثر من رجل فهو عبد مملوك مشترك بينهم، كمثل عبد خالص لرجل لا يملكه غيره؟ لا يستويان. فإن الأول يعاني من تَقَلُّب الأهواء وتحكم الآراء، وتناقض الرغبات. فذلك مثل مَن أشرك باللَّه وصرف العبادة والمحبة لغيره معه.

وقد أجادَ العلّامة القاسمي رحمه اللَّه عندما عبّر عن هذا المثل فقال: (ضرب اللَّه مثلًا: أي للمشرك والموحد، رجلين مملوكين {رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ} أي سيئو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015