النسفي: (لآمنوا). ولكنهم عموا عن مصائرهم فلم يتفكروا ولم يستعدوا ففاجأتهم مصيبة النار يوم القيامة لا زحزحة عنها.

وفي الصحيحين والمسند عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [نارُكم هذه التي توقِدُ بنو آدمَ، جزءٌ من سبعين جزءًا من نار جهنم، قيل: يا رسول اللَّه! إن كانت لكافية؟ قال: فإنها فَضَلَتْ عليها بتسعة وستين جزءًا، كُلّهُنَّ مثلُ حرِّها] (?).

ورواه الترمذي من حديث أبى سعيد ولفظه: [ناركم هذه جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم، لكل جزء منها حرّها] (?).

وفي صحيح مسلم عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [النار عدوٌّ فاحذروها] (?). وهذا في نار الدنيا فما بال نار الآخرة والعياذ باللَّه.

وقوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}.

أي لقد بسطنا في هذا القرآن كل ما يحتاجه الناس من مثل يُفَهِّمُهُمْ معناه ويقربه إلى أذهانهم، فمثّلنا لهؤلاء المشركين أمثالًا من القرون السالفة التي دَمَّرَ اللَّه فيها على المستكبرين بنيانهم وقلب نهارهم ليلًا، وأحال حاضرَ تلك الأمم الظالمة ماضيًا، وصَيَّرَهُم أحاديث للناس يضرب بهم المثل قاسيًا، لكل من أراد أن يمضي على منهاجهم وسنتهم {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، لعلهم ينزجرون ويتعظون أو يحدث لهم القرآن ذكرًا. فإن اللَّه سبحانه قد أنزله قرآنًا عربيًا فيه كل ما يوصلهم إلى سعادة دنياهم وأخراهم، وقد تفضل عليهم بأن أنزله بلسانهم. ثم وصفه بأنه {غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} - وفيه أكثر من تأويل:

التأويل الأول: أي غير ذي لَبْس، ويكون قوله {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} منصوب على الحال. قال مجاهد: (قرآنًا عربيًا غيرَ ذي عوج: غير دي لَبْس). وقال ابن جرير: (جعلناه قرآنًا عربيًا إذ كانوا عربًا ليفهموا ما فيه من المواعظ حتى يتقوا ما حذّرهم اللَّه فيه من بأسه وسطوته). ويجوز أن يكون النَصب على التوكيد أو المدح، أو يكون قرآنًا توكيد و {عَرَبِيًّا} حال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015