المتكبرون يوم القيامة أمثالَ الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، يُساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، تعلوهم نار الأنيار، يُسْقون من عُصَارة أهل النار طينة الخبال] (?).

وقوله: {وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ}. أي: ذوقوا وبال ما اجترحتم من المعاصي والآثام ثم خرجتم من الحياة الدنيا دون توبة ولا رجعة، كقوله جل ثناؤه في سورة العنكبوت: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}. وكقوله في سورة يونس: {ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ}. وكقوله في سورة التوبة: {هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ}.

قال الشوكاني: {وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} وهو معطوف على يتقي: أي ويقال لهم، وجاء بصيغة الماضي للدلالة على التحقيق). وقوله: {مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} قال عطاء: (أي جزاء ما كنتم تعملون).

وقوله تعالى: {كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ}. أي فاجأهم اللَّه بالعذاب وقد سكروا في لهوهم وتكذيبهم فباغتهم به وهم لا يشعرون. قال النسفي: (من الجهة التي لايحتسبون ولايخطر ببالهم أن الشر يأتيهم منها بَيْنا هم امنون إذ فوجئوا من مأمنهم). والآية تشبه قوله في سورة الزمر نفسها: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}. أي فيصيبكم ما أصاب الأمم المكذبة من قبلكم.

وقوله تعالى: {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}. قال المبرد: (يقال لكل ما نال الجارحة من شيء قد ذاقته، أي وصل إليها كما تصل الحلاوة والمرارة إلى الذائق لهما. قال: والخزي من المكروه والخَزَاية من الاستحياء) ذكره القرطبي. والآية تشبه قوله سبحانه في سورة الرعد: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ}. وقوله في سورة فصلت: {لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ}. قال الشوكاني: {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ} أي الذل والهوان {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} بالمسخ والخسف والقتل والأسر وغير ذلك {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ} لكونه في غاية الشدة مع دوامه). وقوله {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015