علم تفسيره العلماء الراسخون، أتباع منهج الفهم عند الصحابة والأئمة والتابعين.
وقد أخرج ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه، بإسناد جيد عن سعد في قول اللَّه عز وجل {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} الآية. قال: [أنزل اللَّه القرآن على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فتلاه عليهم زمانًا، فقالوا يا رسول اللَّه لو قصصت علينا، فأنزل اللَّه: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} [يوسف: 1]-إلى قوله- {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} الآية. فتلاها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زمانًا، فقالوا: يا رسول اللَّه لوحدثتنا، فأنزل اللَّه تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا}] (?).
قلت: وفي الحديث إشارة إن أن أصل العلوم والحِكَم والخير هو القرآن، وأنّ كل فكر لا يتأصل من هذا الكتاب العظيم فهو فكر قاصر، وأن أي فلسفة أو قصص أو حكاية تشذ عن قواعد الأصول والعلم مرفوضة، وأنّ أحدًا لا يملك التأثير بأعظم من القرآن، كما لا يستطيع أحد أن يأتي بِحكمة غابت عن كتاب اللَّه أو الوحي الثاني وهو هدي نبيّه صلوات اللَّه وسلامه عليه، فإن القرآن والسنة هما أحسن الحديث.
وفي قوله {مُتَشَابِهًا} معان متقاربة ذكرها المفسرون:
المعنى الأول: أي يتشابه في الآيات والحروف. فعن قتادة: قال: (يشبه بعضه بعضًا في الآي والحروف).
وفي رواية أخرى عنه قال: (الآية تشبه الآية، والحرف يشبه الحرف). وقال القاسمي: (أي يشبه بعضه بعضًا، في الصحة والإحكام والبناء على الحق والصدق ومنفعة الخلق ووجوه الإعجاز).
المعنى الثاني: أي يتشابه في البناء والهيئة. قال السدي: (المتشابه: يشبه بعضه بعضًا). وقال ابن جرير: (يشبه بعضه بعضًا، لا اختلاف فيه ولا تضاد).
المعنى الثالث: أي يتشابه في الحسن والحكمة ويصدق بعضه بعضًا. قال سعيد بن جبير: (يشبه بعضه بعضًا ويصدق بعضه بعضًا، ويدل بعضه على بعض). وقال القرطبي: (يشبه بعضه بعضًا في الحسن والحكمة ويصدق بعضه بعضًا، ليس فيه تناقض ولا اختلاف).