وعن قتادة: (قوله: {فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} قال: يعني كتاب اللَّه هو المؤمن، به يأخذ، وإليه ينتهي).

وقال السدي: (النور الهدى). وقيل: علامة انشراح الصدر: الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت، فإذا حصل ذلك للعبد فهو على نور من ربه.

وقد أخرج الإمام أحمد في المسند بسند صحيح عن عبد اللَّه بن عمرو، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إن اللَّه تعالى خلق خلقه في ظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطاه ضل] (?). ورواه ابن حبان في صحيحه.

قلت: والظلمة هي ظلمة الطباع والجهل والأهواء والخضوع للغرائز والشهوات، والنور هو نور الوحي ونور السنة نور النبوة والرسالات، نور الفطرة ونور الميثاق مع اللَّه الذي أخذه بنعمان وهو واد إلى جنب عرفات، كما أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [أخذ اللَّه تبارك وتعالى الميثاق من ظهر آدم بنعمان يعني (يوم) عرفة فأخرج في صُلْبهِ كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قُبُلًا قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 172 - 173]] (?).

وقوله: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}. قال المبرد: يقال قسا القلب إذا صَلُبَ. وقلب قاس أي صُلْب لا يرق ولا يلين. وقيل المراد أبو لهب وولده، والراجح أن الآية عامة في كل من جفا قلبه ونأى عن ذكر اللَّه وأعرض عن القرآن. واختار ابن جرير أن (مِنْ) بمعنى (عن) والتقدير: فويل للقاسية قلوبهم عن قبول ذكر اللَّه وقال: (فويل للذين جفت قلوبهم ونأت عن ذكر اللَّه وأعرضت، يعني عن القرآن الذي أنزله تعالى ذكره. قال: هؤلاء القاسية قلوبهم من ذكر اللَّه في ضلال مبين، لمن تأمَّله وتدبّره يفهم أنه في ضلال عن الحق جائر). وقال القاسمي: ({فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015