قوله: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ}. قال الرازي: الشّرْحُ: الكَشْف تقول (شرح) الغامِضَ أي فسَّره ومنه تشريح اللحم. وشرح اللَّه صدره للإسلام فانشرح أي فتحه ووسعه. قال القاسمي: (أي وسعه لتسليم الوجه إليه وحده، ولقبول دينه وشرعه بلطفه وعنايته وإمداده سبحانه). وقد ذهب بعض المفسرين للتفريق بين مرحلتين: قبل الإسلام وبعد الإسلام.

ففي المرحلة الأولى: يكون المعنى يحتمل الشرح قبل الإسلام. قال ابن عباس: (وسع صدره للإسلام حتى ثبت فيه). وقال مجاهد: (ليس المنشرح صدره مثل القاسي قلبه).

وفي المرحلة الثانية: أن يصرف الشرح إلى ما بعد الإسلام للثبات عليه. قال السدي: (وسع صدره بالإسلام للفرح به والطمأنينة إليه).

قلت: والبيان الإلهي يحتمل الوجهين فإن من رضي بالإسلام فقد شرح اللَّه صدره له، ثم إذا صدق النية والخشية وعاكس الهوى والشهوة وتعلق قلبه بالإيمان والجهاد يشرح اللَّه صدره لهذا الحق والفرح بنصره والطمانينة عند رؤية دولته وشوكته. قال سبحانه في سورة الأنعام: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ}.

وقد أخرج الإمام أحمد في المسند وأبو داود والنسائي وابن ماجة في السنن بسند صحيح عن بريدة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [من قال حين يصبح أو حين يمسي: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوءُ لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فمات من يومه، أو ليلته دخل الجنة] (?).

وعند أبي داود عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [من قال رضيت باللَّه ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًا، وجبت له الجنة] (?).

وقوله: {فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} هو كقوله جل ثناؤه في سورة الأنعام: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015