أصل الينابيع في لغة العرب من نَبَعَ، يقال: نَبَعَ الماء إذا خرج، ونَبَعَ يَنْبِعُ نَبَعَانًا، واليَنْبُوع عينُ الماء، ومنه قوله تعالى في سورة الإسراء {حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا}. والجمع ينابيعَ، والينبوعُ هو ما جاش من الأرض ويجوز في مضارعه رفع ونصب وكسر الباء أي نبعَ يَنبَعُ وينبُعُ وينبعُ.

وعن الشعبي في قوله {فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ} قال: (كلّ ندى وماء في الأرض من السماء نزل).

فأصل الماء الذي في الأرض من السماء كما قال سبحانه في سورة الفرقان: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}.

قال سعيد بن جبير: (أصله من الثلج، يعني أن الثلج يتراكم على الجبال فيسكن في قوارها فتنبع العيون من أسافلها).

وعن ابن عباس قال: (ليس في الأرض ماء إلا نزل من السماء ولكن عروق في الأرض تُغيرُهُ). وأما توزيعه فبحكمة اللَّه، فقد أخرج الحاكم بسند صحيح عن ابن عباس قال: [ما من عام بأكثر مطرًا من عام ولكن اللَّهَ يُصرِّفه بين خلقه حيث يشاء، ثم قرأ {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}] (?). فهو يقسمه سبحانه حسب رضاه عن عباده.

وله شاهد عن البغوي عن ابن مسعود يرفعه: [ليس من سنة بأمَرَّ من أخرى ولكن اللَّه قسم هذه الأرزاق، فجعلها في السماء الدنيا في هذا القطر، ينزل منه كل سنة بكيل معلوم ووزن معلوم، وإذا عمل قوم بالمعاصي حول اللَّه ذلك إلى غيرهم، فإذا عصوا جميعًا صرف اللَّه ذلك إلى الفيافي والبحار] (?).

قال الضحاك: (كل ماء في الأرض فمن السماء نزل، إنما ينزل من السماء إلى الصخرة، ثم تقسم منها العيون والركايا). فإن اللَّه يقسم كيف شاء.

وأما قوله {فَسَلَكَهُ} أي فأدخله في الأرض وأسكنه فيها. {ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ}. قال الحسن بن مسلم: (ثم أنبت بذلك الماء الذي أنزله من السماء فجعله في الأرض عيونًا زرعًا {مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} يعني: أنواعًا مختلفة من بين حنطة وشعير وسمسم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015