بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}.
وفي صحيح مسلم عن عقبة بن عامر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إني فرطكم على الحوض، وإنّ عرضَهُ كما بين أيلةَ إلى الجُحفة، إني لستُ أخشى عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخشى عليكم الدنيا، أن تنافسوا فيها وتقتتلوا، فتهلكوا كما هلك مَنْ كان قبلكم] (?). قال ابن كثير: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ} وأنا رسول اللَّه، وهذا شرط ومعناه التعريض بغيره بطريق الأولى والأحرى).
وقوله تعالى: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ}. فلفظ الجلالة في محل نصب والتقدير: (أعبد اللَّه مخلصًا) و {مُخْلِصًا} حال، أي أعبده سبحانه مُفردًا له الإخلاص في الطاعة والعبادة. وفيه ذمُّ الرياء مرة أخرى وتعليم للأمة دقائق التقوى، كما قال جل ثناؤه في سورة الحج: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}.
وفي معجم الطبراني بإسناد جيد: [أن عمرَ رضي اللَّه عنه قال لمعاذ بن جبل حين رآه يبكي: ما يبكيك؟ قال: حديث سمعته من صاحب هذا القبر يعني النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن أدنى الرياء شرك].
وفي مسند الإمام أحمد وسنن البيهقي عن محمود بن لبيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إن أخوفَ ما أخافُ عليكم الشركُ الأصغرُ. قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول اللَّه؟ قال: الرياء، يقول اللَّه عز وجل يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا، هل تجدون عندهم الجزاء] (?). وفي رواية: (فانظروا هل تجدون عندهم جزاء).
وقوله: {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ}. أي اختاروا لأنفسكم المستقبل الذي تشاؤون، فإن مستقبل اتباعي والإيمان بهذا القرآن هو سعادة الآخرة وحسن الختام، وإن مستقبل الإعراض والعناد والكبر شقاوة الآخرة، فهو أمر تهديد ووعيد كما قال جل ثناؤه {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا} الإسراء.
وكقوله جل وعز في سورة الأنعام: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66)