لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}. وكقوله في سورة الزمر: {قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ}. وكقوله في سورة فصلت: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}.
أخرج ابن جرير في "التفسير" بسند جيد، عن جابر رضي اللَّه عنه قال: خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومًا فقال: [إني رأيت في المنام كان جبريلَ عند رأسي، وميكائيلَ عند رجليَّ، يقول أحدهما لصاحبه: اضرب لهُ مثلًا، فقال: اسمع سمعت أذنُكَ، واعقِل عقلَ قلبُكَ، إنما مثلكَ ومثلُ أمتك كمثل ملك اتخذ دارًا، ثم بنى فيها بيتًا، ثم جعل فيها مائدة، ثم بعث رسولًا يدعو الناس إلى طعامه، فمنهم من أجاب الرسولَ، ومنهم من تركه، فاللَّه هو الملكُ، والدار الإسلام، والبيت الجنة، وأنت يا محمد رسول، من أجابك دخل الإسلام، ومن دخل الإسلام دخل الجنة، ومن دخل الجنة أكل ما فيها] (?).
وقوله: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.
قال ابن عباس: (هم الكفار الذين خلقهم اللَّه للنار وخلق النار لهم، فزالت عنهم الدنيا وحرّمت عليهم الجنة، قال اللَّه: {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ}).
وكذلك قال ابن زيد: (هؤلاء أهل النار خسروا أنفسهم في الدنيا، وخسروا الأهلين فلم يجدوا في النار أهلًا، وقد كان لهم في الدنيا أهل).
وعن مجاهد: (غبنوا أنفسهم وأهليهم قال: يخسرون أهليهم فلا يكون لهم أهل يرجعون إليهم ويخسرون أنفسهم فيهلكون في النار فيموتون وهم أحياء فيخسرونهما).
وفي الأثر عن ميمون بن مِهْران فيما يرويه عن ابن عباس قوله: (ليس من أحد إلا وخلق اللَّه له زوجة في الجنة، فإذا دخل النار خسر نفسه وأهله. وفي رواية: فمن عمل بطاعة اللَّه كان له ذلك المنزل والأهل إلا ما كان له قبل ذلك، وهو قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ}).
قلت: والآية هذه هي مقابل الآية التي في سورة الطور: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}. قال سعيد بن جبير: (إن اللَّه ليرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل لِتَقَرَّ بهم عينه ثم