من الرجال: يطيعونهم في معاصي اللَّه). وقيل بل المقصود الأوثان كما قال ابن جرير: (عنى بهِ أنه أطاع الشيطان في عبادة الأوثان فجعل له الأوثان أندادًا، لأن ذلكَ في سياق عتاب اللَّه إياهم له على عبادتها. {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} قال: يقول: ليزيل من أراد أن يوحد اللَّه ويؤمن به عن توحيده، والإقرار بهِ والدخول في الإسلام. قل يا محمد لفاعل ذلكَ: تمتع بكفركَ باللَّهِ قليلًا إلى أن تستوفي أجلك فتأتيك مَنِتَّتك {إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} أي إنك من أهل النار الماكثين فيها).
قلت: فالأهواء وتحكيم الشهوات والخضوع لها، أو تقديم الرؤساء وتعظيمهم فوق أوامر اللَّه، أو اتّخاذ الأوثان على صور الملائكة والصالحين، كل ذلكَ أنداد من دون اللَّه تضل عن سبيل اللَّه. وإنما يتذكر المؤمن ربّهُ حالة الرخاء كما يتذكره حالة الشدة ويعظمهُ ويحمده حالة العافية والصحة كما يفعل ذلكَ حالة العجز والمرض، فهو من خير إلى خير إلى أن يفارق الدنيا.
ففي المسند في زوائد عبد اللَّه بن الإمام أحمد عن أنس رضي اللَّهُ عَنْهُ، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [عَجِبْتُ للمؤمن إنّ اللَّه تعالى لم يقضِ لهُ قضاء إلا كان خيرًا له] (?).
وكذلكَ أخرج الطيالسي والبيهقي بسند صحيح عن سعد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [عجبتُ للمسلم إذا أصابتهُ مصيبةٌ احتسبَ وصبر، وإذا أصابهُ خيرٌ حمد اللَّهَ وشكر، إن المسلم يؤجر في كل شيء حتى في اللقمةِ يرفعها إلى فيهِ] (?).
وأما قوله: {خَوَّلَهُ} أي أعطاه وملكهُ، وقوله: {مَا كَانَ} فإن لـ {مَا} وجهين في اللغة أو ثلاثة:
الوجه الأول: أن تكون {مَا} بمعنى الذي، أي ترك الذي كان يدعوهُ في حالة الضرّ والمصيبةِ وهو اللَّه سبحانه.
الوجه الثاني: أن تكون {مَا} بمعنى (مَنْ)، نحو قوله سبحانهُ: {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [الكافرون: 3]، والمعنى واحد. وكقوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3].
الوجه الثالث: أن تكون {مَا} بمعنى المصدر. والتقدير: أي نسي الدعاء الذي