مُصدقِيَّ؟ قالوا: ما جربنا عليكَ إلا صدقًا، قال: فإني نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديد] (?).

وفي صحيح مسلم عن قبيصة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [يا بني عبد مناف يا بني عبد مناف! إني نذير، إنما مثلي ومَثَلُكُم، كمثل رجل رأى العدوَّ، فانطلق يريد أهله، فخشي أن يسبقوه إلى أهلهِ، فجعل يهتفُ: يا صباحاه، يا صباحاه! أُتيتُمْ أُتيتمْ] (?).

وقوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ}.

هذه الآية تشبه الآية التي في سورة الإسراء: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا}. والآية التي في سورة الروم: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}. والآية التي بعدها في سورة الروم: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}. وكذلكَ فهي مفسّرة في سورة لقمان بقوله: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ}، وبقوله في سورة العلق: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}.

ويبدو أن هذه الصفة طبع جاذب في الإنسان ونقطة ضعف في تركيبه يستفيدُ منها الشيطان فيؤزّها وينفخُ فيها لتصير كبرًا وغرورًا حالة الاستغناء أو الشعور بالقوة. وإنما المؤمنون قومٌ مخبتون لا يُفسد المال عليهم قلوبهم ودينهم، كما لا تفسد الصحة والقوة والجمال عليهم صلتهم باللَّه، فهو سبحانهُ يختبرهم بالفقر والغنى، والضعف والقوة، والمرض والعافية، وهم في كل هذه الأحوال حامدون شاكرون، وفي كل هذه المتقلّبات تائبون عابدون. وإليكَ أقوال أهل العلم في تفسير هذه الآية:

فعن قتادة: (قوله: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ} قال: الوجع والبلاء والشدة {دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ} قال: مستغيثًا به). وعن السُّدي: ({ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ} إذا أصابتهُ عافية أو خير {نَسِيَ} يقول: ترك، هذا في الكافر خاصة، {وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا} قال: الأندادُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015