والصفات" عن هشام بن حكيم: [أن رجلًا أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه: أنبتدئ الأعمال أم قد قضي القضاء؟ فقال: إن اللَّه تعالى أخذ ذرية آدم من ظهورهم، وأشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم في كفيهِ. فقال: هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار، فأهلُ الجنةِ ميسرون لعملِ أهل الجنة، وأهلُ النار ميسرون لعملِ أهلِ النار] (?).

وقوله: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. قال السّدي: (لا يؤخذ أحد بذنب أحد). وقال القاسمي: (أي لا تحمل حاملة حمل أخرى، أي ما عليها من الذنوب، أو لا تؤخذ نفسٌ بذنبِ أخرى، بل كلٌّ مأخوذ بذنبه).

قلت: والآيةُ هذه كقوله سبحانهُ في سورة فاطر: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}. وفي صحيح الإمام مسلم وسنن النسائي عن أبي هريرة رضي اللَّهُ عَنْهُ، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قام حين أنزل عليهِ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} فقال: [يا بني كعب بن لُؤيّ! أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مُرَّةَ بن كعب! أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف! أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب! أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمةُ! أنقذي نفسكِ من النار، فإني لا أملكُ لكم من اللَّه شيئًا، غير أنَّ لكم رحمًا سأبُلها ببلالها] (?).

وقوله: {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور}.

قال ابن جرير: (ثم بعد اجتراحكم في الدنيا ما اجترحتم من صالح وسَيِّئٍ وإيمان وكفر أيها الناس، إلى ربكم مصيركم من بعد وفاتكم. . . قال: فاتقوا أن تلقوا ربكم وقد عملتم في الدنيا بما لا يرضاه منكم فتهلكوا، فإنه لا يخفى عليه عمل عامل منكم).

قلت وهذه الآية كقوله سبحانه في آخر آية نزلت من القرآن: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}. وفي الصحيحين عن ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صعد الصفا فقال: [يا بني فِهْر! يا بني عديّ! يا بني عبد مناف! يا بني عبد المطلب! أرأيتكم لو أخبرتُكمْ أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015