ثم عظامًا ثم لحمًا ثم أنبت الشعر، أطوار الخلق).

والقول الثاني: أي هو الخلق في بطون الأمهات بعد أن كان الخلق الأول في ظهر آدم.

فعن ابن زيد قال: (خلقًا في البطون من بعد الخلق الأول الذي خلقهم في ظهر آدم).

والقول الثالث: قيل في ظهر الأب ثمَّ خلقًا في بطن الأم ثم خلقًا بعد الوضع. أورده القرطبي عن الماوردي.

قلت: والراجح عندي القول الأول وهو قول ابن جرير وابن كثير ويدل عليه سياق الآية حيث يقول سبحانه {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} فهو يعني المراحل في الخلق والبناء داخل الأرحام {خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ}، ويؤيده من السنة الصحيحة إضافة لما سبق من الآيات الكريمة أحاديث:

الحديث الأول: أخرج الشيخان عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّهُ عَنْهُ، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إن أحدكم يُجْمعُ خلقُهُ في بطن أمهِ أربعينِ يومًا نطفة، ثمَّ يكون علقةً مثل ذلك، ثمَّ يكونُ مُضْغَةً مثلَ ذلك، ثمَّ يبعثُ اللَّهُ إليهِ مَلَكًا، ويؤمرُ بأربع كلماتٍ، ويقال لهُ: اكتب عملهُ، ورزقهُ، وأجلهُ، وشقي أو سعيد، ثم يَنْفُخُ فيه الروح، فإن الرجل منكم ليعملُ بعمل أهل الجنةِ، حتى لا يكونَ بينه وبينَها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلُ النار. وإن الرجل ليعمل بعملِ أهلِ النار، حتى ما يكون بينهُ وبينها إلا ذراع، فيسبق عليهِ الكتابُ، فيعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ فيدخلُ الجنة] (?).

الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن حذيفة بن أُسَيْد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إذا مرَّ بالنطفةِ اثنتان وأربعون ليلةً، بعث اللَّه إليها مَلكًا فصوّرها، وخلق سمعها وبصرَها، وجِلدَها ولحمها وعظامَها، ثم قال: يا ربَّ أذكرٌ أَمْ أُنثى؟ فيقضي ربك ما شاءَ، ويكتُبُ الملك، ثم يقول: يا رب أَجلهُ، فيقول ربكَ ما شاءَ، ويكتبُ الملك، ثمَّ يقول: يا رب رزقُهُ، فيقضي ربُّكَ ما شاء، ويكتب الملك، ثم يخرجُ الملكُ بالصحيفةِ في يدهِ، فلا يزيد على أمر ولا ينقصُ] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015