بالنزول، لأنها تكونت بالنبات والنبات بالماء المنزل. وهذا يسمى التدريج، ومثله قوله تعالى: {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا} الآية).

القول الخامس: قيل: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ} أي أعطاكم.

القول السادس: قيل: جعل الخلق إنزالًا، لأن الخلق إنما يكون بأمر ينزل من السماء. فالمعنى: خلق لكم كذا بأمره النازل.

قلت: وكلها لطائف من التفسير يضمها البيان الإلهي الكريم وإعجاز القرآن العظيم فتبارك من تكلمَ به أحسن الخالقين.

وأما الأزواج فالمقصودُ بها الأنعام الثمانية: من الإبل زوجين ومن البقر زوجين ومن الضأن زوجين ومن المعز زوجين، كما قال جل ثناؤه في سورة الأنعام: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ}. قال مجاهد: (قوله: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} الإبل والبقر والضأن والمعز).

وقال الضحاك: (يعني من المعز اثنين ومن الضأنِ اثنين، ومن البقرِ اثنين ومن الإبل اثنين).

وقال قتادة: (من الإبل اثنين ومن البقر اثنين ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين كل واحد زوج).

وقوله: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ}. أي: نطفة فعلقة فمضغة على مراحل ثلاث ثم يكونُ لحمًا وعظمًا وعصبًا وعروقًا، ثم ينفخ فيه الروح فيصير خلقًا متكاملًا بإذن الله أحسن الخالقين. كما قال سبحانهُ في سورة المؤمنون: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}.

وكما قال في سورة الحج: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا}.

فالقول الأول: هو ما سبق وقد روي عن عكرمة {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ} قال: (نطفة ثم علقة ثم مضغة). وبنحوه قال قتادة: (نطفة ثم علقة ثم مضغة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015