({فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ}: أي بئس صباح الذين أنذروا بالعذاب، وفيه إضمار: أي فساء الصباح صباحهم. قال: وخصّ الصباح بالذكر لأن العذاب كان يأتيهم فيه).

أخرج البخاري في صحيحه عن أنس - رضي الله عنه -: [أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى خَيْبَرَ ليلًا. وكان إذا أتى قومًا بليلٍ لَمْ يُغِرْ بهم حتى يُصبحَ، فلما أَصْبَحَ خَرَجَت اليهودُ بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رَأَوْهُ قالوا: مُحمدٌ والله، محمد والخميس. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين] (?).

وفي رواية: [فقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - المقاتِلة وسبى الذُّرية]. ورواه مسلم.

والمساحي: جمع مسحاة، وهي المجرفة، والمكاتل: جمع مكتل، وهو القفة.

والخميس: الجيش. وقوله: "خربت" - أي فتحت.

وفي رواية مسلم: [فقالوا: محمد والخميس، ورجعوا إلى حصنهم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهُ أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباحُ المنذرين].

فكأن قوله تعالى هنا: {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ} يريد به يوم مكّن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعدائه المشركين.

وقوله تعالى: {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ}.

أعادها سبحانه تكرارًا وتأكيدًا بأن الأمر قادم لا محالة، وأن غدًا لناظره قريب. فهو تأكيد لما مضي من التهديد والوعيد. قال ابن جرير: (وأعرض يا محمد عن هؤلاء المشركين وخلِّهم وفريتهم على ربهم {حَتَّى حِينٍ}. قال: يقول إلى حين يأذن الله بهلاكهم. {وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} يقول: وأنظرهم فسوف يرون ما يحل بهم من عقابنا حين لا تنفعهم التوبة).

ثم ختم السورة سبحانه بتنزيه نفسه، وبالمدح والثناء لجبروته ولعزتهِ وكبريائه، فهو العزيز الجبار المتكبر رب كل شيءٍ ومليكه، فتنزيهًا للهِ رب القوة والبطش عما يصفه هؤلاء المشركون من قريش، وتسبيحًا لله سبحانه عما ينسبه أولئك المشركون له من البنات والولد، وكل السلام على المرسلين لسلامة ما وصفوه به من النقائص والعيوب، وكل الأمن على أتباع الرسل الذين مضوا على منهاجهم في وصف الله بما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015