أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب: 48].
وكقوله جل ذكره في سورة الحجر: {وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: 85].
وكقوله جل ثناؤه في سورة المزمل: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} [المزمل: 10].
وقوله تعالى: {وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ}.
قال القاسمي رحمه الله: (أي بَصِّرهُمْ وعَرِّفْهُمْ عاقبة البغي والكفر، وما نزل بمن أُنْذِرَ قبلهم، أوضح لهم الدلائل والحجج في مجاهدتكَ إياهم بالوحي والقرآن. فإن لم يبصروا الآن: {فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} أي ما قضينا لك من التأييد والنصرة).
قلت: وهو تفسير لطيف جميل جامع. وإبصارهم ذلكَ سيكون في الدنيا والآخرة. قال قتادة: (سوف يبصرون حين لا ينفعهم الإبصار).
وقال ابن زيد: (أنظرهم فسوف يبصرون ما لهم بعد اليوم. قال: يقول: يبصرون يوم القيامة ما ضيّعوا من أمر الله، وكفرهم بالله ورسوله وكتابه، قال: فأبصرهم وأبصر واحد). ذكره ابن جرير.
وقوله تعالى: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ}.
هو كقوله في سورة يونس: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (49) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (50) أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} [يونس: 48 - 51].
فقد كانوا يقولون من فرط تكذيبهم واستهزائهم متى هذا العذاب، يطلبون تعجيله من شدة تكذيبهم وعنادهم، فإذا نزل بدارهم وساحتهم فبئس الصباح صباحهم، وبئس اليوم يومهم.
والعرب تقول: نزل بساحة فلان العذاب إذا أصابهُ ونزل به. والساحة هي فناء الدار.
قال السدي: ({فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ}، قال: بدارهم. {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ}، قال: فبئس ما يصبحون). وقال الزجاج: (وكان عذاب هؤلاء بالقتل). قال القرطبي: