القول الثاني: أي نحن الصافون حول العرش.

قال النسفي: (نَصُفّ أقدامنا في الصلاة أو نَصُفّ حول العرش داعين للمؤمنين).

القول الثالث: أي نحن الصافون في الصلاة والعبادة صفوفًا لا مثيل لها ليقتدي بها المؤمنون في الأرض، وليتأسوا بها. فعن ابن عباس ومجاهد: ({وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ}: الملائكة. {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}: الملائكة. {وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ}: الملائكة، نسبح لله عز وجل).

قلت: ويجمع هذه الأقوال والمعاني أن الملائكة صافون في أداء الطاعة وفي منازل الخدمة التي يؤمرون بها.

ففي صحيح مسلم ومسند أحمد وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجة عن جابر بن سَمُرة قال: [خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في المسجد فقال: ألا تَصُفّون كما تَصُفُّ الملائكةُ عند ربها؟ فقلنا يا رسول الله: كيفَ تصفّ الملائكةُ عند ربها؟ قال: يتُمون الصفوف الأُوَل ويتراصون في الصف] (?). وفي رواية: [يتمون الصلاة بالصفوف الأُول، ويتراصون في الصف].

وله شاهد في مسند أحمد وسنن أبي داود ومعجم الطبراني بسند صحيح من حديث ابن عمر ولفظه: [أقيموا الصفوف، فإنما تَصُفّون بصفوف الملائكة، وحاذوا بين المناكب، وسُدّوا الخَلَل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فُرُجات للشيطان، ومَنْ وصل صفًّا وصله الله، ومن قطع صفًّا قطعهُ الله عز وجل] (?).

فالملائكةُ مرابطون يتقنون القيام بما يؤمرون، كما يخلصون في العبادة، صفوفهم منتظمة تدل على علو مقاماتهم. قال القاسمي رحمه الله: ({وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}: أي في أداء الطاعة ومنازل الخدمة التي نؤمر بها).

يروي ابن جرير عن أبي نضرة قال: (كان عمر إذا أقيمت الصلاة أقبل على الناس بوجهه فقال: يا أيها الناس استووا، إن الله إنما يريدُ بكم هديَ الملائكة عند ربها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015