وعن ابن عباس قال: (ما في السماوات موضع شبر إلا وعليهِ ملك يصلي ويسبح).
أخرج ابن نصر في "الصلاة" بسند حسن في الشواهد عن عائشة مرفوعًا: [ما في السماء الدنيا موضع قدم، إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، فذلك قول الملائكة: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ}، {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}، {وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ}].
وله شاهد في معجم الطبراني "الكبير" بسند صحيح على شرط مسلم، عن حكيم بن حزام قال: [بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه إذ قال لهم: أتسمعون ما أسمع؟ قالوا: ما نسمعُ من شيء. قال: إني لأسمع أطيط السماء، وما تلام أن تئط، وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم] (?).
ورواه ابن مردويه عن أنس مرفوعًا بلفظ: [أطت السماء ويحقّ لها أن تَئِطَّ، والذي نفسُ محمدٍ بيده، ما فيها موضِعُ شبر إلا وفيه جبهة ملك ساجدٍ يسبح الله بحمده].
وأصل معناه في مسند أحمد وجامع الترمذي وسنن ابن ماجة - بلفظ أشمل - عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إني أرى ما لا ترون، وأسمعُ ما لا تسمعون، أطّت السماء، وحُقَّ لها أن تئِطَّ، ما فيها موضع أربعِ أصابع، إلا وملكٌ واضعٌ جبهتهُ لله تعالى ساجدًا، والله لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا، وما تلذذتم بالنساء على الفُرش، ولخرجتم إلى الصّعدات تجأرون إلى الله] (?).
وقيل: بل هو من قول المؤمنين للمشركين، أي لكل مقام في الآخرة. وقيل: أي منا من له مقام الخوف، ومنا من له مقام الرجاء، ومقام الإخلاص، وغيرها، والأول أرجح.
وقوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ}،
أي: فنحنُ الصافون لله لعبادته، والمسبحون المصلون له سبحانه. وفيه أقوال:
القول الأول: أي نحن الصافون أجنحتنا في الهواء ننتظر ما نؤمر.
قال القرطبي: (وقيل: أي لنحن الصافون أجنحتنا في الهواء وقوفًا ننتظر ما نؤمر به).