السلام، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم صل على آل أبي أوفى". وقال الله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}).
وهذه القراءة هي قراءة شيبة ونافع. قلت: (فالمعنى: وتركنا عليه الثناء الحسن: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} أمنة من الله لآل ياسين). وهذا كما قال علي بن سليمان: (فإن العرب تسمي قوم الرجل باسم الرجل الجليل منهم. فعلى هذا: "سلام على إلياسين" سمى كل رجل منهم بإلياس).
القراءة الثانية: وهي قراءة قراء مكة والبصرة والكوفة. "سلام على إلْياسين".
قيل: هو اسم إلياس عليه السلام، فيقال له: إلياس وإلياسين مثل إبراهيم وإبراهام. فعن السدي: ("سلام على إلياسين"، قال: إلياس). واختاره ابن جرير، وقال: (لأن سياق السورة السلام على النبي وحده، فكذا إلياسين إنما على إلياس دون آله). وقال في موضع آخر: (لأن الله أخبر عن كل نبي وحده بالسلام فكذا إلياس، وهو نفسه إلياسين).
القراءة الثالثة: "سلام على إدْراسين". ورويت عن ابن مسعود، نحو قوله: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ}، وفي موضع آخر: {وَطُورِ سِينِينَ}. وكلاهما موضع واحد، سمي مرّة بهذا ومرة بذاك. وقيل: إلياس اسم من أسماء العبرانية كإسماعيل وإسحاق، فقرئ هنا إلياسين وإدريسين وإدرَسين وإدراسين، على أنَّها لغات في إلياس وإدريس. قال القرطبي: (ولعلَّ لزيادة الياء والنون في السريانية معنى).
قلت: والراجح عندي أن الله سلَّم على إلياس كما سلّم على من قبله من المرسلين دون آلهم مما يتناسب مع السياق، ومع قوله في الآية التي قبلها: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ}. فدَل أن المخاطب إلياس عليه السلام والذي يسمى إلياسين أيضًا كبقية الأسماء الأعجمية التي تأخد أشكالا متقاربة - والله تعالى أعلم. فبقي لإلياس في الأرض الثناء الحسن كبقية المصطفين الأخيار، أصحاب الحق الأبرار، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، جزاء من الله لحسان، قربهم منه سبحانه ووصلهم بنسب جماعة الإيمان.
وقوله تعالى: {وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}. إذ أقام الحجة على قومه ونصح لهم، وبين لهم مغبة الاستمرار في فواحشهم وانحرافهم، بأنهم يستعجلون بذلك عذاب الله أن يقع بهم. فأجابوه مستهزئين: {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَالُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ}. فنجاه الله