فصلوات الله وسلامه على إلياس وعلى المرسلين، وعلى إمامهم محمد - صلى الله عليه وسلم - الرسول الأمين.
وقوله تعالى: {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ}. وفي قوله: {بَعْلًا} تفاسير:
التفسير الأول: بَعْلٌ: تعني (ربّ). فعن عكرمة: ({أَتَدْعُونَ بَعْلًا} قال: يقول أتدعون ربًّا، وهي لغة أهل اليمن، تقول: مَنْ بَعْل هذا الثور: أي من ربّه).
وقال قتادة: (هذه لغة باليمانية: أتدعون ربًا دون الله). وروي أيضًا عن عكرمة: ({أَتَدْعُونَ بَعْلًا} قال إلها). فالعرب تقول لربّ الشيء بعده، وبعل الدار ربَّها، ولزوج المرأة بعلها. ويقولون لما استغنى من الزرع بماء السماء ولم يكن سقيًا (هو بعل).
التفسير الثاني: بَعْلٌ، صنم عبدوه من دون الله. فقد روي عن ابن عباس: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا}، قال: صنمًا). وقال الضحاك: (يعني صنمًا كان لهم يسمى بَعْلًا). وقال ابن زيد: (بعل: صنم كانوا يعبدون، كانوا ببعلبك وهم وراء دمشق وكان بها البعل الذي كانوا يعبدون). قال النحاس: (والقولان صحيحان: أي أتدعون صنمًا عملتموه ربًّا). وقال مقاتل: (صنم كسره إلياس وهرب منهم).
قال القرطبي: (فالمعنى: أتدعون ربًّا اختلقتموه، و {أَتَدْعُونَ} بمعنى أتسمّون. حكى ذلك سيبويه. ثم قال: وقيل: كان مِنْ ذَهَب "أي الصنم" وكان طوله عشرين ذراعًا، وله أربعة أوجه، فُتِنوا به وعظَّموه حتى أخدموه أربع مئة سادِن وجعلوهم أنبياءه، فكان الشيطان يدخل في جوف بعل ويتكلم بشريعة الضلالة، والسَّدَنة يحفظونها ويعلمونها الناس، وهم أهل بعلبك من بلاد الشام. وبه سميت مدينتهم بعلبك).
التفسير الثالث: بعل، هي امرأة كانوا يعبدونها. قال ابن إسحاق: (سمعت بعض أهل العلم يقول: ما كان بَعْلٌ إلا امرأة يعبدونها من دون الله).
التفسير الرابع: بعل، ملك. قاله بعض المفسرين.
قلت: وجملة القول أنهم صرفوا العبادة لملك أو صنم أو امرأة أو آلهة دون الله لا تستحق العبادة، إذ لا تملك دفع الضر عنهم ولا تحويلًا، ولا تملك جلب النفع لهم ولا تعجيلًا. فعابهم الله بذلك: أنَّكم تدعون بعلًا وتذرون خالق الكون وبارئه وخالقكم ومصوركم، فتبارك الله أحسن الخالقين.