على الأصنام والأوثان يكسرها بقوة يمينه، وبصدق عهده مع ربه، حتى لا يُعبد في الأرض إلا الله سبحانه، وهذا هو كمال العدل.
وقوله تعالى: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ}.
زفّ في لغة العرب من (زفف). يقال زت العروس إلى زوجها من باب ردَّ، وأزفّها وازدَفَّها زِفافًا. وزفَّ القوم في مشيهم يزفون زفيفًا إذا أسرعوا. والمِزفّة المِحفّة التي تُزَفّ فيها العروس، وقيل هو مشي الخيلاء، ومنه أُخِذَ زِفاف العروس إلى زوجها. والمراد بالآية هنا أنهم أقبلوا إليه مسرعين لينظروا ما الأمر؟ وقد قرأها قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين {يَزِفُونَ} نحو قولهم زفت النعامة إذا كان أول عدوها وآخر مشيها. وهناك جماعة من أهل الكوفة قرؤوها: "يُزِفُّون" من أَزَفَّ فهو يُزِفّ. قال الأصمعي: (أزففت الإبل أي حملتها على أن تَزِفّ). وقال أبو إسحاق: (الزفيف أول عَدْوِ النعام).
أي جاؤوا على هذه الحالة بمنزلة المزفوفة على هذه الهيئة.
وهناك من قرأها: "يَزِفون" بالتخفيف. قال الفراء: (لا أعرفها). ويبدو أن إجماع القراء والفصحاء على القراءة الأولى: "يَزِفون". وفي الآية أقوال متشابهة:
1 - يسرعون. فعن ابن زيد: ({فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ} قال: أي يسرعون).
2 - ينسلون. فعن مجاهد قال: (الوزيف: النَّسَلان).
3 - يَجْرون. فعن ابن عباس قال: (فأقبلوا إليه يجرون).
4 - يمشون. فعن السدي قال: ({فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ}، قال: يمشون).
5 - يستعجلون. قال ابن زيد عن أبيه: (يستعجلون. قال: يَزِفّ: يستعجل).
وكلها متقاربة في المعنى من باب اختلاف التنوع لا التضاد، مفادها أنهم هرعوا إليه حين علموا خبر ما صُنِعَ بآلهتهم فأقبلوا مسرعين يجرون.
وقوله تعالى: {قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}.
في الكلام محذوف تقديره: (قالوا من فعل هذا بآلهتنا)؟ فردّ عليهم: أتعبدون ما تنحتون! قال قتادة: (الأصنام). أي تعبدون أصنامًا أنتم تنحتونها بأيديكم تنجرونها. قال القرطبي: (والنحت النجر والبري، نحته ينحِته بالكسر نحتًا أي براه والنّحاتة البُراية والمِنحت ما ينحت به).