وقوله تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ}. فيه أكثر من تأويل:
التأويل الأول: ذكر أن قومه كانوا أهل تنجيم فرأى نجمًا قد طلع فعصب رأسه وقال إني مطعون ليخرجوا عنه فيخالفهم إليها فيكسرها.
فعن ابن عباس: (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ}. قال: قالوا له وهو في بيت آلهتهم اخرج، فقال إني مطعون، فتركوه مخافة الطاعون). قال الضحاك: (أشار لهم إلى مرض وسقم يُعدي كالطاعون، وكانوا يهربون من الطاعون، فلذلك {فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ} أي فارين منه خوفًا من العدوى).
التأويل الثاني: أنَّهم أزف عيد لهم فدعوه للحضور لمشاركتهم فنظر إلى نجم، وأعلمهم بأن ذلك النجم لم يطلع إلا بسقم له وكانوا يعتقدون بعلم التنجيم.
قال ابن زيد: (أرسل إليه ملكهم فقال: إن غدًا عيدنا فاحضر معنا. قال: فنظر إلى نجم فقال: إن ذلك النجم لم يطلع قط إلا طلع بسقم لي، فقال: {إِنِّي سَقِيمٌ}).
وفي رواية: (فنظر إلى نجم طالع فقال: (إن هذا يطلع مع سقمي).
قال القرطبي: (وكان علم النجوم مستعملًا عندهم منظور فيه، فأوهمهم هو من تلك الجهة، وأراهم من معتقدهم عذرًا لنفسه، وذلك أنهم كانوا أهل رعاية وفلاحة، وهاتان المعيشتان يحتاج فيهما إلى نظر في النجوم).
التأويل الثالث: أي إنهم لما طلبوا منه الخروج معهم نظر إلى السماء متفكرًا ماذا يعمل وقال لهم كلامًا فهموا منه أنه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه.
قال الحسن: (المعنى أنهم لما كلّفوه الخروج معهم تفكر فيما يعمل). وقال قتادة: (والعرب تقول لمن تفكر: نظر في النجوم). أي نظر فيما نجم له من الرأي أي فيما طلع له منه.
وقيل: فعلم أن كل حي يسقم فقال: {إِنِّي سَقِيمٌ}. أي: ضعيف.
قال الحافظ ابن كثير: (يعني أنه نظر إلى السماء متفكرًا فيما يلهيهم به).
التأويل الرابع: أي نظر في الأشياء فعلم أن لها خالِقًا ومدبرًا. فقال إني سقيم إذا ذكر الموت.
قال الضحاك: (معنى: {سَقِيمٌ} سأسقم سقم الموت، لأن من كتب عليه الموت