فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)}.

في هذه الآياتِ: يخاطب الله تعالى نبيّه محمدًا عليه الصلاة والسلام ويخبره بما لقي النبيون قبله من أقوامهم وكم صبروا على دعوتهم، وكم تحملوا من إيذائهم، فهذا نوح صلوات الله وسلامه عليه لما عاندوه وواجهوه بالاستهزاء بعد صبر طويل دعا ربه سبحانه أني مغلوب فانتصر، فاستجاب له تعالى وقال: {فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ} كنا له إذ دعانا، فأهلكنا قومه بطوفان عظيم، فهلكوا غرقًا وجعلنا ذرية أتباعه المؤمنين باقية من بعد هلاكهم، إذ الناس اليوم كلهم من ذريته، فالعجم والعرب أولاد سام بن نوح، والترك والصقالبة أولاد يافث، والسودان أولاد حام بن نوح، وتركنا لنوح في الأرض الثناء الحسن بين الناس، فلا يذكر إلا بخير، فسلام وأمان على نوح في العالمين من أن يذكره أحد بسوء، فقد نجاه الله والمؤمنين، وأهلك بقية قومه المكذبين. وإن من أهل دينه ومنهاجه إبراهيم عليه أزكئ الصلاة وأتم التسليم، إذ نبذ الشرك والأوثان وتوجه إلى الله بقلب سليم. وخاطب أباه وقومه أن ينتهوا عن الشرك بالله ويفردوه سبحانه بالتعظيم، قال فما ظنكم يوم تلقونه وقد صرفتم العبادة لغيره وهو الله الواحد الأحد العظيم. فَدَعَوْهُ لعيدهم فنفر منهم بدعوى أنه سقيم، ثم انطلق إلى آلهتهم يستنطقهم ألا تأكلون، فجعل يضربها باليمين حتى أقبلوا إليه يستعجلون، فقال لهم أتعبدون ما تنحتون، والله خلقكم وأعمالكم وما تكسبون، فحاولوا أن يلقوه في الجحيم فردهم الله بكيدهم وما يمكرون، فأعلن براءته منهم ومن شركهم، وأنه ذاهب إلى الله بعمله وقلبه ونيته، ومهاجر وتاركهم مستأنسًا بدعاء الله الكريم، أن يهب له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015