تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: 43، 44]).

وقال القشير: (ولعل الحميم في موضع من جهنم على طرف منها).

وقال النسفي: (أي أنه يذهب بهم عن مقارهم ومنازلهم في الجحيم وهي الدركات التي أسكنوها إلى شجرة الزقوم فيأكلون إلى أن يمتلئوا، ويسقون بعد ذلك ثم يرجعون إلى دركاتهم، ومعنى التراخي في ذلك ظاهر).

التأويل الثاني: أن تكون ثم بمعنى الواو. أي هم في عناء مستمر قبل الطعام والشراب وبعده.

فعن قتادة: ({ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ} قال: فهم في عناء وعذاب من نار جهنم.

وتلا هذه الآية: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ}).

قال أبو عبيدة: (يجوز أن تكون {ثُمَّ} بمعنى الواو). وقال القاسمي: (أي مصيرهم إلى دركاتها أو إلى نفسها لا مفر لهم منها ولا محيص كيفما تحولوا).

التأويل الثالث: قيل: إن هذا يدل على أنهم كانوا حين أكلوا الزقوم في عذاب غير النار ثم يردون إليها. ذكره القرطبي.

قلت: وبالجمع بين هذه التفاسير نخلص إلى أن الكافرين لما جاعوا كان الطعام عقوبة لهم، ولما عطشوا بعد الطعام كان الشراب حميمًا يقطع أمعاءهم، ثم عادوا من تلك الوجبة إلى المعاناة في دركات جهنم من لفحها وسمومها، فهم ينتقلون من عناء إلى عناء.

وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ}.

الإهراع في لغة العرب: الإسراع. قال الفراء: (الإهراع الإسراع برعدة).

وقال أبو عبيدة: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ} [هود: 78]، قال: يُسْتَحَثُّون إليه كأنهم يَحُثُّ بعضهم بعضًا). وأهرع فلان: إذا سار سيرًا حثيثًا فيه شبه بالرعدة. ويقال: جاء فلان يُهرع إلى النار إذا استحثه البرد إليها.

قال ابن جرير: (فهؤلاء وجدوا آباءهم ضلالا عن قصد السبيل غير سالكين محجّة الحق فهؤلاء يُسرع بهم في طريقهم ليقتفوا آثارهم وسنتهم).

وقيل: يزعجون من شدة الإسراع، هُرعَ وأهْرعَ إذا أزعِجَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015