لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف بمن تكون طعامه] (?).
وفي رواية: [أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية وقال: اتقوا الله حق تقاته، فلو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه].
وقوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ}. أي: بعد أكلهم من تلك الشجرة، يسقون من ماء حميم يقطع أمعاءهم. والشَّوْب لغة: الخلط والمزج، والعرب تقول: شاب فلان طعامه وشرابه إذا خلطهما بشيء يشوبهما شوبًا وشيابة، وأصل الحميم الماء المحموم الذي أسخن فانتهى حرّه، وأصله على وزن مفعول فصرف إلى فعيل. وفي ذلك تفاسير:
التفسير الأول: أنَّه شراب حار يشربونه بعد طعامهم. فعن ابن عباس: (قوله: {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} قال: يقول: لمزجًا، يعني شرب الحميم على الزقوم).
التفسير الثاني: هو أنه يمزج لهم الزقوم بالحميم ليُجمع لهم بين مرارة الزقوم وحرارة الحميم، تغليظًا لعذابهم وتجديدًا لبلائهم. فعن السدي قال: (الشوب: الخَلْط وهو المزج).
التفسير الثالث: هو أن الحميم يخلط بالصديد الخارج من قيحهم وأجسامهم.
فعن ابن زيد: {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} قال: حميم يُشاب لهم بغساق مما تَغْسِقُ أعينهم وصديد من قيحهم ودمائهم مما يخرج من أجسادهم).
وخلاصة المعنى: إنهم يُدْعَون إلى شراب حار ممزوج بالقيح والغساق والصديد ليهضموا به طعامهم من شجرة الزقوم المزة المؤذية، كما قال جل ذكره في سورة محمد: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}.
وقوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} فيه أكثر من تأويل:
التأويل الأول: أنَّ الحميم خارج الجحيم فيشربون ثم يعودون. قال مقاتل: (الحميم خارج الجحيم فهم يوردون الحميم لشربه ثم يردُّون إلى الجحيم، لقوله