الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)}.
في هذه الآياتِ: تأكيدُ الله تعالى انفراده بعلم الساعة وقد تكون الساعة قريبًا. وقد لعن الله الكافرين وأعدّ لهم سعيرًا. فيه تُقَلّب وجوههم ويسألون الله لساداتهم ورؤسائهم في الكفر أن يضاعف لهم العذاب وأن يلعنهم لعنًا كبيرًا.
فقوله: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ}.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ} يا محمد {عَنِ السَّاعَةِ} متى هي قائمة؟ قل لهم: إنما علم الساعة {عِنْدَ اللَّهِ} لا يعلم وقت قيامها غيره).
وقد كان المشركون يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة على سبيل الهزء، واليهود على سبيل الامتحان، فأمر الله رسوله أن يجيبهم بأنه علم قد استأثر الله به.
وقوله: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}.
أي: وما يشعرك يا محمد لعله دنا وقت مجيئها واقترب موعدها، وهو تهديد للمستعجلين وقوعها وإسكات للممتحنين في سؤالها.
وفي التنزيل نحو ذلك:
1 - قال تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1].
2 - وقال تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1].
3 - وقال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: 1].
وفي صحيح مسلم عن حذيفة قال: [قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقامًا، ما ترك شيئًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حَدَّثَ به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته، فأراه فأذكره، كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه] (?).