الحريم النبوي حتى صرح بقوله للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "أحجب نساءك"، حتى نزلت آية الحجاب.

ثم إن عمر قصد أن لا يبدين أشخاصهن أصلًا ولو كن مستترات فبالغ فَمُنِعَ وأُذِنَ لهن بالخروج لحاجتهن دفعًا للمشقة.

وقوله: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ}.

تَوَعُّدٌ من الله تعالى للمنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، ولأهل القلوب المريضة - أهل الزنا والفجور -، ولأهل الإرجاف في المدينة بالكذب والباطل، أن يُسَلِّط الله عليهم نبيَّه والمؤمنين.

فحن عكرمة: {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} قال: هم الزناة). وقال قتادة: ({وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}: شهوة الزنا). وقال أبو صالح: (الزناة). قال ابن زيد: (أهل الزنا من أهل النفاق الذين يطلبون النساء فيبتغون الزنا. وقرأ: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32]، قال: والمنافقون أصناف عشرة في براءة، قال: فالذين في قلوبهم مرض صنف منهم مرض من أمر النساء).

وعن قتادة: ({وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ}. الإرجاف: الكذب الذي كان نافقه أهل النفاق، وكانوا يقولون: أتاكم عدد وعدّة). قال ابن كثير: (يعني الذين يقولون: جاء الأعداء، وجاءت الحروب. وهو كذب وافتراء).

وعن ابن عباس: (الإرجاف التماس الفتنة، والإرجاف: إشاعة الكذب والباطل للاغتمام به). قلت: وأصل الإرجاف التحريك من (الرجفة) وهي الزلزلة، فيقال للخبر الكاذب خبر متزلزل غير ثابت، أو لاضطراب قلوب المؤمنين به.

وعن ابن عباس: ({لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} يقول: لنسلطنك عليهم). وقال: (لم ينتهوا عن إيذاء النساء وأن الله عز وجل قد أغراه بهم). وعن قتادة: (أي لنحملنك عليهم لنحرشنك بهم). وقال السدي: (لنُعلِمَنَّك بهم). قال القرطبي: (أي لنسلطنّك عليهم فتستأصلهم بالقتل).

وقوله: {ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}. قال قتادة: (أي بالمدينة).

قال ابن جرير: (يقول: ثم لننفينهم عن مدينتك فلا يسكنون معك فيها إلا قليلًا من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015