فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين. قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: لتلبسها أُختها من جلبابها] (?).
قال الشيخ أنور الكشميري في "فيض الباري" (1/ 388) تعليقًا على هذا الحديث: (وعلم منه أن الجلباب مطلوب عند الخروج، وأنها لا تخرج إن لم يكن لها جلباب. والجلباب رداء ساتر من القرن إلى القدم).
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} قال: (يسدلن عليهن من جلابيبهن، وهو القناع فوق الخمار، ولا يحل لمسلمة أن يراها غريب إلا أن يكون عليها القناع فوق الخمار، وقد شدت به رأسها ونحرها) (?).
والجلباب حجاب الفطرة لستر زينة المرأة عن الأجانب سواء خرجت إليهم أو دخلوا عليها، وقد صح عن عائشة أنَّها كانت إذا صلت تجلببت، الأمر الذي يدل على أن الجلباب ليس خاصًّا بالخروج.
وأخرج ابن سعد بسند رجاله ثقات عن قيس بن زيد قال: [إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلق حفصة بنت عمر ... فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل عليها فتجلببت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن جبريل أتاني فقال لي: أرجع حفصة فإنها صوامة قوامة، وهي زوجتك في الجَنَّة] (?).
والآية لا تدل على أن وجه المرأة عورة يجب عليها ستره، بل غاية ما فيها الأمر بإدناء الجلباب عليها، وهو أمر مطلق، ثم إن القرآن يفسر بعضه بعضًا. وتفصيل ذلك:
أ - آية النور: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ .... } الآية [النور: 31].