الله له. فهو تعالى شاهد على عباده بطاعة أمره أو مخالفته، وشاهد على كل شيء. قال ابن عطاء: (الشهيد الذي يعلم خطرات القلوب كما يعلم حركات الجوارح).
56. قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)}.
في هذه الآية: تَأْكيدُ صلاة الله تعالى وملائكته الكرام، على النبي عليه الصلاة والسلام، وأَمْرُ المؤمنين بامتثال هذا الخُلُق الرفيع في مختلف الأوقات والأزمان، وأفضل ذلك يوم الجمعة أعظم الأيام.
قال البخاري: (قال أبو العالية: صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء. وقال ابن عباس: {يُصَلُّونَ}: يُبَرِّكون) - هكذا علّقَهُ البخاري عنهما.
وقال الترمذي: (ورُوي عَنْ سُفيانَ الثوري وغير واحدٍ من أهل العلم قالوا: صلاة الرب الرحمةُ، وصلاةُ الملائكةِ الاستغفارُ).
قال ابن كثير: (والمقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عبادَهُ بمنزلِةِ عبده ونبيِّه عندَهُ في الملأ الأعلى، بأنه يُثني عليه عند الملائكة المقربين، وأن الملائكة تُصَلي عليه. ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناءُ عليه من أهل العالَمين العُلوي والسفلي جميعًا).
وقد أخبر الله تعالى في محكم التنزيل أنه يصلي على عباده المؤمنين:
1 - قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 41 - 43].
2 - وقال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157].
وقد حفلت السنة العطرة بآفاق هذه الآية وصفة الصلاة على هذا النبي الكريم، عليه وعلى النبيين أفضل الصلاة والتسليم. وذلك في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري وأحمد والنسائي عن كعب بن عُجْرَة قال: قيل: