وقوله: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}. قال النسفي: (من خواطر الشيطان وعوارض الفتن وكانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال وكان عمر رضي الله عنه يحب ضرب الحجاب عليهن ويود أن ينزل فيه وقال يا رسول الله! يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فنزلت).

وقوله: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ}.

قال القرطبي: (هذا تكرار للعلة وتأكيد لحكمها، وتأكيد العلل أقوى في الأحكام).

وقوله: {وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا}. أي: فلهن حكم الأمهات في التحريم.

قال الشافعي: (وأزواجه - صلى الله عليه وسلم - اللاتي مات عنهن لا يحل لأحد نكاحهن، ومن استحلّ ذلك كان كافرًا، لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا}).

وقوله: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}. قال ابن جرير: (يقول: إن أذاكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونكاحكم أزواجه من بعده عند الله عظيم من الإثم).

وقوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}.

أي: إن الله تعالى يعلم السر وأخفى، فهو يعلم ما تخفيه صدور أهل الخواطر المكروهة من الذين خوطبوا بالآيات السابقة، بقوله: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا}. قال القرطبي: (البارئ سبحانه وتعالى عالم بما بدا وما خفي وما كان وما لم يكن، لا يخفى عليه ماض تَقَضَّى، ولا مستقبل يأتي. وهذا على العموم تمدّح به، وهو أهل المدح والحمد. والمراد به هاهنا التوبيخ والوعيد لمن تقدّم التعريض به في الآية قبلها).

55. قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)}.

في هذه الآية: استثناء بعض الأقارب من عموم وجوب الاحتجاب من الأجانب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015